الجمعة، 29 يناير 2016

لا يوجد عدوانيون





لا يوجد عدوانيون
There Are No Bullies
بقلم / Scott Bakal  ، خريف 2013
ترجمة وتعليق الباحث/ عباس سبتي
يناير 2016

       العنف هو قضية ساخنة ، وقد سلطت الأضواء على قضية العنف بعد دخولها في المحاكم وما آلت بعض حالاته إلى الانتحار ، ومعظم المدارس تطبق الأحكام الرامية إلى حماية الضحايا واتخاذ الإجراءات الصارمة ضد الجناة ، وفي بعض المدارس ، لكن بعض الجهود تفوق التعليم بشان العنف ، والظروف تجبر الطلاب الانخراط في العنف ، ومن أجل مصلحة الطلاب حان الوقت لنجيب عن السؤالين: لماذا يلجأ الطالب إلى العنف ؟ كيف نساعد الطلاب على وقف العنف ؟

لماذا يلجأ الأطفال إلى العنف ؟
العنف هو سلوك وليس هوية ذاتية ، فالسلوك لكي يوصف ب " العنف " يجب توفر شرطين :
-         المعتدي يجب أن يقصد إيذاء أو ترهيب شخص أقل قوة  منه .
-         يتكرر السلوك .
فسلوك أي طفل ومراهق يجب أن يتوفر فيه هذين الشرطين لكن في ظروف معينة ، مما يجعل المدارس وأولياء الأمور والباحثين يبحثون عن الدوافع الكامنة وراءها
أستاذة علم النفس التنموي "  Jaana Juvonen " في جامعة كاليفورنيا ، لوس أنجلوس تكتشف دوافع القوة والسيطرة في بحثها عن العنف فتقول :" نحن نتحدث عن السلوك الاستراتيجي بوجود غرض معين لسد الحاجة ، وتكون هذه الحاجة قادرة على السيطرة على الآخرين ، فهناك أطفال يتعمدون بقصد إيذاء طفل آخر ، وهم يريدون السيطرة والشعور بالقوة ، ونسألهم لماذا يحبون السيطرة على الآخرين ؟  " ، عند محاولة  الإجابة عن هذا السؤال ، فأن " Jaana " لاحظت أن هذا السلوك يظهر عند انتقال الطالب من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة ، ومن خلال أوقات من عدم اليقين الاجتماعي عندما يلجأ بعض الأطفال إلى بناء شلة اجتماعية ( عصابة ) ، فعندما تدخل في بيئة اجتماعية لا تحس مع من تنسجم ،وما مكانتك بينهم ، من يقف معك ضد عدوك ؟ لذا من المفيد أن تكون لك هذه الشلة ؟

لماذا يسلك بعض الأطفال هذا المسار بينما يعجز آخرون منهم ؟ من الواضح أن الأطفال العدوانيين يميزون بين التفاعلات الغامضة حتى بين تعابير الوجه سلبية أو مهددة ، وتشير " Kara Penniman " اختصاصية اجتماعية بمدرسة " Columbus " في " أوهايو " أن الأطفال العدوانيين يعتقدون أن سلوكهم ما يبرره لأن الآخرين لا يملكون هذا السلوك ، وهذا يعني وضع اللمسات الأخيرة للتفاعلات السلبية .

تقول " Penniman " : معظم الأطفال الذين يظهرون هذا السلوك العدواني ، قد لا يرون أنفسهم في كثير الأحيان لهم قوة ، في بعض الأحيان يشعرون بالترهيب والتهديد من الغير لذا يمكنهم أن يشعروا أنهم ضحايا . 

تقول " Jaana ": في نهاية المطاف على الرغم من أن معظم الأطفال العدوانيين قد يكونون ضحايا العنف أو لا فأنهم يلجأون إلى العنف كوسيلة لتلبية حاجة داخلية فيهم . وتضيف هذه المسارات الدورية القوية بشكل لا يصدق ، ويتعلم الأطفال أن هناك حاجة غير مشبعة للشعور بالقوة أو للسيطرة على الآخرين ، فأنهم يتصرفون بطريقة معينة فيحصلون على التشجيع من سلوكهم مع أن هذه المكافأة – التشجيع – مدتها محدودة .

وفقاً لخبراء العنف وهم " Dan Olweus, Sue Limber and Sharon F. Mahalic " فأن (60%) من الطلاب الذكور في المرحلة المتوسطة له على الأقل إدانة جنائية واحدة عندما كان عمرهم الواحد منهم (40)سنة ، و(40%) منهم لديه ثلاثة أو أكثر من الإدانة الجنائية ، وقد أفادت دراسة حديثة نشرت في مجلة " الجمعية الطبية الأمريكية " أن الطلاب العدوانيين يعانون من مخاطر الاكتئاب واضطرابات سلوكية وتعاطي المخدرات والانتحار .

كيف نساعد الطلاب ؟
أن الآثار المؤلمة للعنف تجعل التربويين يركزون توفير السلامة لضحايا العنف الذين يحتقرون من سبب لهم هذه الآلام ، وأثر الإجراءات التأديبية مثل الطرد من المدرسة على الطلاب العدوانيين .

التدابير العقابية قد تظهر نتائج عكسية ، إذ حذر الخبراء ومنهم "  Jaana Juvonen" الذين درسوا الانضباط المدرسي من هذه النظم التي تجعل المدرسة بيئة غير آمنة للطلاب ، وذكرت "  Jaana " بسبب عدم علاج الأسباب الجذرية للعنف مثل الصراعات الدموية فان الطلاب لا يجدون سوى الدفاع عن أنفسهم .
لا تركز تدخلات العنف الأكثر فاعلية على فئة واحدة من الطلاب بل نقر أن الطلاب يستفيدون عندما تعلم المدرسة طلابها على بناء العلاقات الحميمة فيما بينهم

دعم الطلاب أثناء تعرضهم للعنف :
تبني البرامج الشاملة التي تهدف تعزيز العلاقات الاجتماعية والعاطفية هو وسيلة هامة لدعم الطلاب الذين يتعرضون لخطر العنف ، درست " Judy Kerner " وهي أستاذة التربية السلوكية هؤلاء الطلاب خاصة العدوانيين منهم المهارات التي تغير تفكيرهم ليس فقط  عن الآخرين وإنما عن أنفسهم .
"   Penniman " مثل " Kerner " وجدت أن المحادثات الفردية بين المعلمين والاختصاصيين الاجتماعين والطلاب تصبح فعالة ، وسألت الطلاب ما القدوة السلوكية التي يحبون تقليدها عندما يعتدون على غيرهم ؟ وهذه المحادثات تفتح للطلاب التعبير عن وجهة نظرهم وهي أساس الحوار .

قالت " Penniman " : قمت بالتثقيف النفسي بشأن الآثار بعيدة المدى للعنف ، لذا توفير المعلومات بشأن أسباب العنف ، وكيف يستفيد الطلاب من هذه الآثار تربوياً ومهنياً ؟ وأنها لا تقدم هذه المعلومات لتهديد الطلاب بل وسيلة لتمكينهم على السيطرة على خياراتهم ورسم مستقبلهم .

دراسة السنوات الانتقالية:
بالنسبة للطلاب العدوانيين فأن تغيير المدرسة دافع للعنف لديهم ، وتساعد برامج الإرشاد الطلاب المنتقلين الذين يشعرون بالخوف ، ففي السنة الأولى من هذه البرامج التعليمية فأنها تعطي الطلاب فرصة لتنمية  علاقاتهم مع الآخرين والتحدث عن ثقافة المدرسة ضمن الفريق الواحد وتعطي الثقة للطلاب ، ويستطيع التربويون تطبيق خطة الانتقال التي تشتمل على زيارات الآباء والأشقاء والمعلمين السابقين للمدرسة والاجتماع بهؤلاء الطلاب العدوانيين.

تغيير لغة العنف :
يعتقد بعض التربويين أن مصطلح العنف يصبح كلمة غير محددة تسهم في تنمية التفكير الثنائي ( المعتدي هو شرير، الضحية بريء ) مما يسمح بتنامي صفة عدم التسامح ، وتضيف "  Penniman "  لا تستخدم هذا المصطلح مع زبائنها .
تضيف "  Penniman " : هذا المصطلح عبارة عن تأجيج لمشاعر الطلاب لأن أكثر المدراس تستخدم سياسة عدم التسامح مع طلاب العنف ، فإذا اعترف الطلاب أن سلوكهم حضاري مع أقرانهم ، فان المدرسة لا تتحمله ، لذا ليس هناك مجال لتغيير سلوك الطلاب والحد من هذا العنف .

يوصي الخبراء بدلاً من الحديث عن العلاقات الحميمة ، السلوك الجيد ، الحقوق والواجبات ، يجب على المدارس تدريب العاملين فيها على التوقعات وعلى الطلاب الاستماع إليهم ، التحدث  عن التسامح والعلاقات وإزالة تصور أن المعتدي عبارة عن " هوية ثابتة " .

التطلع إلى المستقبل :
التسامح هو مفتاح الحل ، ليس فقط علاج سلوك العنف وإنما أن يطبق المعلمون هذه الصفة ، ويجب التذكر أن هؤلاء الطلاب الصعبين ، ما زالوا صغاراً وإن فرصة توظيفهم ما زالت ضئيلة ، فالمدرسة هي ساحة اجتماعية حيث يؤدي الطلاب فيها أدوارهم ، كما قالت الخبيرة "  Alissa Sklar " في مدونة لها .

تضيف " Alissa "  هناك الكثير من الكلام حول العنف ، يصفون الطلاب العدوانيين بالغيلان والوحوش ، وبالتالي سيصيب الجميع بالضرر ونفقد الفرصة الذهبية لتعليمهم ، يجب علينا تذكير هؤلاء الطلاب ما زالوا صغاراً ويجب أن نساعدهم ونساعد الضحايا منهم في المستقبل .

التسلط عبر الانترنت :
علاج العنف يحتاج إلى علاج سلبيات أجهزة التكنولوجيا أيضا ، وقد تسأل المدرسة عن علاج حوادث التسلط التي تدمر ممتلكات المدرسة وتغير ثقافة الطلاب ، وتوصي "   Alissa " أن يأخذ المعلمون دوراً قيادياً لتوجيه الطلاب بالخصوص الطلاب العدوانيين حول المواطنة الرقمية وأساليب التسلط عبر التكنولوجيا .    

الأساسيات :
-         الهاتف المحمول وأجهزة الكمبيوتر تجعل الفرد يتصرف بغير إرادته ، وهذه الأجهزة لا تقلل من أثر مؤلم للغة المصورة والمهينة والجارحة .
-         استهداف شخص آخر عبر الانترنت يمكن أن يكبر العواقب المؤذية للضحية بسبب طبيعة العنف ، والإساءة إلى الغير أيضا يضخم العواقب المؤذية على الجاني .
-         أي تواصل رقمي أو نشر لا يمكن حذفه عبر الانترنت ، ولا يمكن استرداد أي شيء نشر في الانترنت دون أن يصل إليه غير الناشر .
-         انتشار الهواتف الذكية يعني أن الضحايا لا يجدون الأمن في المنزل ولا بين الأصدقاء أو حتى في المدرسة التي انتقلوا إليها .

التصالح :
يعد التصالح أداة مهمة لمنع العنف ، لكن خبراء العنف يحذرون من التدخلات خصوصاً الوساطة ، لذا يجب تدريب العاملين بالمدرسة كي يكونوا وسطاء بين الطلاب المتنازعين ، وفي حال عدم تدريب الأفراد بالمدرسة يجب البعض عن طرق أخرى للتدخل وفض النزاعات .

تعليق:
للأسف برامج التدخل والعلاج مختصرة جداً بالنسبة للحد من العنف المدرسي صحيح أن الخبراء في العنف ركزوا على التوغل في نفس المعدي أو الجاني من أجل كسب ثقته وعودته إلى عضو فعال في المجتمع ، لكن توجد طرق علاج كثيرة ومنها تأثير الأقران على المعتدي لكي يتخلى عن عدوانه كذلك دور المارة الإيجابي وللمزيد اطلع على هذه البرامج في موقعنا : المسار للبحوث التربوية والاجتماعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق